السيد أبو الحسن الموسوي الأصفهاني
مرات العرض: «3380» حفظ الصورة تكبير الصورة
مرجع الطائفة في عصره آية الله العظمى السيد أبو الحسن الموسوي الأصفهاني قدس سره

ولادته ونشأته:

ولد السيّد أبو الحسن الأصفهاني بإحدى القرى التابعة لأصفهان، وقد اختلف في سنة ولادته فقد قيل إنه في سنة 1277 هـ وقيل 1284 هـ وقيل 1271هـ، وتربّى وترعرع في ظِلِّ والده السيّد محمّد الذي كان من العلماء الأفاضل.

دراسته وأساتذته :

عندما بلغ سن الرابعة عشرة من عمره ذهب الى مدينة أصفهان لغرض الدراسة، وأكـمـل فـيـها مرحلة السطوح عند اساتذتها المشهورين، وبدأ بدراسة البحث الخارج عند آية اللّه الجهار سوقي وآية اللّه ابو المعالي الكلباسي، وغيرهما من أعلام أصفهان.

وفي سنة 1307 هـ سافر إلى مدينة النجف الأشرف لحضور دروس: آية الله العظمى الشيخ حبيب الله الرشتي، وآية الله العظمى الآخوند الشيخ محمّد كاظم الخراساني، وآية الله العظمى السيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي، قدّس الله أسرارهم جميعاً.

تلامذته:

اشتغل بالتدريس بعد وفاة أستاذه الخراساني وكان يتميز ببيان ساحر جزل، وقد نُقل عن غير واحد من تلامذته أنه كان يبيّن مراد أستاذه صاحب الكفاية بشكل واضح وسلس فتنحل معضلات عباراته التي في الكفاية، حتى طلب منه بعض العلماء أن يشرح الكفاية فعزم على ذلك وبدأ بكتابة الشرح ثم إنه رأى شيخه الآخوند في المنام ينهاه عن شرح الكفاية وقال له إني قد تعمدت في كتابتها بهذا الشكل كي يتعب الطلاب ويبذلوا جهدهم في سبيل التحصيل والفهم، فتوقف السيد الأصفهاني عن مشروع شرح الكفاية، وعلى كل حال فقد تتلمذ على يديه كثير من العلماء والفقهاء نذكر منهم:

آية الله السيد محمود الشاهرودي - آية الله الشيخ محمّد تقي الآملي - آية الله الشيخ حسين الحلي - آية الله السيد حسن الموسوي البجنوردي -آية الله الميرزا حسن السيادتي- آية الله السيد عبد الله الشيرازي – آية الله الشيخ محمد رضا الطبسي – آية الله الشيخ اغا بزرك الشاهرودي (والد كل من الشيخين الشيخ مرتضى والشيخ مصطفى الأشرفي الشاهرودي) – آية الله السيد علي الفاني الأصفهاني - آية الله الشيخ عبد النبي الأراكي- آية الله السيد عبد الأعلى السبزواري - آية الله الشيخ محمّد تقي البروجردي- آية الله السيّد علي اليثربي الكاشاني- آية الله السيد محمد جواد التبريزي – آية الله السيد محمد جعفر المروّج مؤلف منتهى الدراية، وممن أدرك وحضر بحثه في أواخر سني حياته: آية الله الشيخ محمّد تقي بهجت- آية الله السيد محمد صادق الروحاني.

مرجعيته :

بعد رحيل آية اللّه شيخ الشريعة الأصفهاني عام 1339 هـ, وارتحال آية اللّه الـشـيـخ أحـمـد كاشف الغطاء عام 1344 هـ, انحصرت مرجعية الشيعة تقريباً في ثلاثة أشخاص وهم: السيد أبو الحسن الأصفهاني والميرزا النائيني والشيخ عبد الكريم الحائري قدس الله أسرارهم, وقد توفي كل من الشيخ النائيني والشيخ الحائري في سنة 1355هـ, فأصبحت زعامة السيد الأصفهاني في أغلب البلاد الإسلامية بلا منازع.

قالوا في حقه:

-قال آية الله السيد عبد الحسين شرف الدين قدس سره ضمن حديثه عن سفره للنجف الأشرف وتعداده لأقطاب العلم والفقاهة فيها: وما أرى أن الحياة العلمية كانت حميدة في هذه الآونة لولا أن يمسك قوامها وإمامها في هذا العصر آية الله السيد أبو الحسن الموسوي الأصفهاني في أعلام يمثلونها بحكم الاستمرار، أما السيد أبو الحسن فله في حفظها بلاء مشكور وجهد كان مركز الثقل في حياتها..
[وهو] من الناحية العلمية مشرف على رواد العلم يمدهم بروافد من ضلاعته وتبحره ويلقنهم من علمه الواسع الدفّاق ما يجعلهم في مصاف الأعلام المحققين من السلف الصالح فيكونون منه حيث يجب أن يكونوا من مقر القيادة الروحية والفتيا والقيام بالأمور العامة....وهو على الإجمال إمام النجف الأشرف في هذه المرحلة ونظام الحياة العلمية وسيد حوزاتها القائم بمهماتها أحوط ما يكون على مجدها، وبهذا كان إمام الكل في الكل، يحمل على كاهله أثقال النجف الأشرف، وإن شئت فقل: أثقال الأمة.

-قال زعيم الحوزة العلمية السيد الخوئي قدس سره: زعيم الشيعة ومرجع الشريعة، حامل لواء الدين ومبيّن أحكام سيد المرسلين، حجة الإسلام وآية الله على الأنام، العلامة الأوحد والمحقق الفرد، السيد أبو الحسن الموسوي الأصبهاني.

-قال آغا بزرك الطهراني رحمه الله: هو من أجلاء شيخنا الأستاذ الخراساني...وكان سيداً جليلاً وشخصيّة فذّة، وكانت فيه عبقرية نادرة وذاكرة عجيبة، ويداً سخية وخلقا محمّدياً، فتأهل للزعامة والرئاسة، حتى انتهت إليه المرجعية التقليدية، فقد أطبقت شهرته الآفاق وأصبح مفتي الشيعة في سائر الأقطار.

سيرته وأخلاقه:

كان السيد قدس سره يمتاز بالسماحة والفطنة، والعفو عند المقدرة، والحلم عمَّن أساء إليه، والتواضع ولين الجانب، وكان يهتم بأمور الطلاّب اهتماماً بالغاً، وللسيد قدس سره كرامات كثيرة معروفة وتنقل عنه قصص عديدة تدل على أنه كانت له صلة مع الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه، راجع عن ذلك الكتب المؤلفة في ترجمته وحياته، ونحن نكتفي بشاهدين على
سمو أخلاقه:

1ـ عندما رأى ابنه السيد حسن مقتولاً شهيداً مذبوحاً من الوريد إلى الوريد في الصلاة خلفه، لم يتكلّم بشي سوى أنّه قال: (لا إله إلاّ الله) ثلاث مرّات، ولم تخرج من عينيه ولا دمعة واحدة. والأعجب من ذلك هو عفوه عن القاتل وقال لا تفجعوني في ولدين!

2ـ عندما كان السيّد الأصفهاني يعطي وكالة شرعية لأحد الأشخاص، ثمّ يتبيَّن أنّ ذلك الشخص غير جدير بتلك الوكالة لم يكن يسحب منه تلك الوكالة، وكان يرد على المعترضين قائلاً : قبل أن أمنحه وكالتي، كان هذا الشخص يمتلك منزلة لدى الناس، وعندما منحته الوكالة ازدادت منزلته لديهم، ولكن عندما أبطل وكالته يكون قد فقد كل تلك المنزلة تماماً، وليس لديَّ الاستعداد لأن أساهم في إراقة ماء وجه أحد وفقدانه لاعتباره بين أوساط الناس.

مؤلفاته :

طُبع له: وسيلة النجاة وهي رسالته العملية وتتميز بالدقة والمتانة وكثرة الفروع ولذا علّق عليها كثير من الفقهاء بعده كما شرحها غير واحد شرحاً استدلالياً، حاشية على العروة الوثقى.
وله من المخطوط: أنيس المقلِّدين، حاشية على تبصرة العلاّمة، حاشية على نجاة العباد للشيخ صاحب الجواهر، ذخيرة الصالحين، ذخيرة العباد، وسيلة النجاة الصغرى، منتخب الرسائل، مناسك الحج.

وله من تقريرات بحثه:

1-وسيلة الوصول إلى حقائق الأصول: مجلدان وهما دورة كاملة في علم الأصول من تقرير الميرزا حسن السيادتي السبزواري والشيخ محمد حسين الكلباسي.
2-منتهى الوصول إلى غوامض علم الأصول: بقلم الشيخ محمد تقي الآملي، وهو بنحو التعليقة على كفاية الأصول وهو مجلد واحد يشتمل على الاستصحاب والتعارض والاجتهاد والتقليد.

وتجدر الإشارة إلى أن ما طُبع بعنوان أنه تقرير أبحاث صلاة المسافر للسيد الأصفهاني بقلم السيد حسين العلوي الخوانساري، اشتباهٌ، والصحيح -كما نبّه عليه بعض أعلام التتبع والتحقيق في النجف الأشرف- أنه تقرير بحث الميرزا النائيني بقلم تلميذه الشيخ موسى الخوانساري، ويبدو أن السيد العلوي استنسخه، ثم حصل اشتباه عند ذريته في انتساب الكتاب لوالدهم أولاً، وأنه تقرير لأبحاث السيد الأصفهاني ثانياً.

وفاته :

توفّي السيّد الأصفهاني قدس سره في التاسع من ذي الحجة 1365 هـ بمدينة الكاظمية المقدسة، ودفن قدس سره في الصحن الحيدري الشريف في النجف الأشرف في حجرة أستاذه المحقق الخراساني صاحب الكفاية.

رحم الله من قرأ له ولجميع العلماء والمؤمنين والمؤمنات سورة الفاتحة.

كتبها: محمد جعفر الزاكي
السيد محمد مهدي الموسوي الخلخالي
الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهاني