عدم الاجتماع مع أهل السنة على إله ولا نبي ولا إمام
م. - مجهول - 02/03/2011م
قال المخالف: الشيعة يقولون: إنا لا نجتمع معهم (أي مع السنة) على إله، ولا على نبي، ولا على إمام، وذلك أنهم يقولون: إن ربهم هو الذي كان محمد نبيه، وخليفته من بعدُ أبو بكرِ، ونحن لا نقول بهذا الرب، ولا بذلك النبي، بل نقول: إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا، ولا ذلك النبي نبينا.
انظر: كتاب (الأنوار النعمانية) لنعمة الله الجزائري 2/278.
الجواب

هذا الكلام قاله السيِّد نعمة الله الجزائري قدس سره في الأنوار النعمانية، وهو كلام واضح جداً، فإنه يريد بهذا الكلام لازمه، وهو نفي خلافة أبي بكر لا أكثر ولا أقل، فمراده بقوله: «إن النبي الذي نصب أبا بكر خليفة لا نعتقد به»، هو أنه لا يوجد نبي هكذا حتى نعتقد به، فالقضية سالبة بانتفاء موضوعها، فإن نبيّنا لم ينصب أبا بكر خليفة.

 

وكذلك لا يوجد رب قد أرسل نبيًّا كان خليفته أبا بكر حتى نؤمن به، فإن ربَّنا سبحانه لم يرسل نبيًّا هكذا.

 

وهذا نظير قول من يقول: «إن الشيعة لا يجتمعون مع السلفية في رب ولا في نبي ولا في خليفة»، ويريد بذلك أن السلفية يعتقدون في الله أن له صورة كصورة آدم عليه السلام، ويداً ورِجلاً ووجهاً وساقاً وعيناً، وأنه في مكان، وأن صفاته كصفات الآدميين، والشيعة لا يعتقدون بأن ربّهم هكذا، بل هم ينزِّهونه عن كل ذلك، كما ينزهونه سبحانه عن أن يكون له ولد، خلافاً للنصارى الذين يعتقدون أن المسيح ابن الله، ولهذا يصح أن نقول: إنا لا نعتقد برب يكون عيسى بن مريم ابناً له، مع أنا نجتمع مع النصارى في الاعتقاد بالله تعالى.

 

والمخالفون يعتقدون في النبي أنه غير معصوم فيما لا يرتبط بالتشريع، وأنه يسب ويلعن من لا يستحق، ويخرج إلى الناس وبُقَع المني على ثيابه، وأنه يبول واقفاً، ويأكل ما ذُبح على النُّصُب، وأنه أبدى عورته للناس وأمثال هذه الأمور، والشيعة ينزِّهونه عن كل ذلك.

 

ولا يمتنع عند المخالفين أن يكون خليفة النبي ضعيفاً لا يهتدي إلى الحق إلا أن يُهدى، أو يجتهد برأيه كيف شاء، فلا يدري أصاب أم أخطأ، بل لا غضاضة عندهم في أن يحتاج هذا الخليفة إلى رعيَّته ليقوِّموه إذا أخطأ، وأن يكون له شيطان يعتريه ويستفزّه، وغير ذلك، وأما الشيعة فيعتقدون أن خليفة المسلمين لا يكون كذلك.

 

ومما قلناه يتضح أن نفي الاتفاق في هذه الأمور يراد به نفي الصفات المذكورة عن الله سبحانه، وعن النبي ، وعن الإمام الحق بعد  النبي ، ولا يراد به نفي الاعتقاد بالله، أو عدم الإيمان بالنبي كما لا يخفى على من عرف أساليب الكلام.

 

إلا أن الإنصاف يقتضي أن نقول: إن تعبير السيّد الجزائري قدس سره: «أنّا لا نجتمع معهم على إله، ولا على نبي، ولا على إمام» بالمعنى الذي أوضحناه تعبير غير حسن، لا يحسن صدوره منه ولا من غيره وإن كان المراد منه صحيحاً وواضحاً؛ وذلك لأن المغرضين قد اتّخذوه وسيلة للتشويش به على العوام وإيهامهم بأن الشيعة لا يعتقدون بالله سبحانه، ولا بنبوّة نبيِّنا محمد كما صنع هذا المخالف وغيره، فكان الأولى بالسيّد رحمه الله أن يذكر المعنى المراد بعبارات غير موهمة.
الشيخ علي آل محسن