التجديد في مناهج الحوزة العلمية
ص. - 30/11/2011م
البعض يقول: إنه لا يختلف اثنان في ضرورة تطوير المناهج والكتب الدراسية في الحوزة العلمية، ومسيرة التطوير كانت موجودة، ولذا نحن نجد أن بعض الكتب كانت تدرس في الحوزة، والآن لا تدرس، بل استبدلت بغيرها، مثل كتاب (معارج الأصول) للمحقق الحلي والقوانين والفصول، أو كتاب القواعد للعلامة الحلي، ولكن في هذا العصر نجد أن البعض ضد كل محاولة للتطوير، مع أن كثيراً من محاولات التطوير جاءت من قبل علماء كبار لا يختلف اثنان عليهما.
وأود أن أسأل سماحتكم حول هذا الأمر نظراً لطول الخبرة لديكم في الحوزة العلمية، وسيكون سؤال حول خصوص منهج الفقه والأصول:
نجد أن الطالب كان يبتدئ دراسته الأصولية بدراسة كتاب المعالم،ويذكر كثير من العلماء أن الطالب لابد أن يدرس كتباً تحوي الآراء الجديدة والتي حصلت لتطور علم الأصول وكتاب المعالم كتب قبل أكثر من 400 سنة ونسخت آراءه أو أغلبها،فلماذا يبقى يعيش في تلك الآراء والنظريات،والآن بحسب معرفتي توجد أكثر من 8 كتب وضعت بدلاً عن كتاب المعالم، أذكر أبرزها:
1- الحلقة الأولى: للسيد الشهيد الصدر رحمه الله.
2- مرقاة الأصول: للشيخ بشير النجفي.
3- تحرير المعالم: للشيخ علي المشكيني.
4- الموجز في الأصول: للشيخ السبحاني.
5- مبادىء أصول الفقه: للدكتور الفضلي.
6- أصول الاستنباط: للسيد علي نقي الحيدري رحمه الله، وقد وضع في مقدمته تقريضاً للسيد الخوئي رحمه الله.
فهل سماحتكم اطلع على هذه الكتب أو لا أقل بعضها؟ وهل ترون إمكان استبدال المعالم بأحد هذه الكتب؟ مع بيان السبب .
ونجد أن المنهجية القديمة تفرض أن الطالب يدرس في مرحلة السطوح كتاب القوانين، والآن استبدل بكتاب (أصول الفقه) للشيخ المظفر رحمه الله، والظاهر أن الحوزة اجتمعت على ذلك.
ومنهج السطوح العليا تفرض دراسة كتاب الرسائل والكفاية، ومع ذلك نجد محاولات لبعض علمائنا الأجلاء للاستبدال، منها:
1- الحلقة الثالثة للشهيد الصدر.
2- الكافي في الأصول للسيد محمد سعيد الحكيم.
3- المبسوط للشيخ جعفر السبحاني.
أما ما يرتبط بالمنهج الفقهي، فالطالب يدرس في مرحلة المقدمات شرائع الإسلام، والآن البعض يقترح دراسة منهاج الصالحين، معللين ذلك بأن الشرائع رسالة عملية قديمة، والمنهاج رسالة عملية جديدة، وفائدتها علمية وعملية (إذا كان سيدرس رسالة مرجعه)، فما هو رأيكم؟
وكذلك بالنسبة للسطوح، فقد وضع الشيخ محمد باقر الإيرواني كتاباً بدل اللمعة.
الجواب

لا شك أن الحاجة تدعو إلى تجديد المناهج الحوزوية بعد كل عقود من الزمان، ولكن المهم أن يكون الكتاب الجديد أفضل من الكتاب المستبدل، لا أن يكون أسهل وأقل دقة وعمقا، فإن ضعف الهمم في هذه السنين يحفز كثيراً من الطلبة لترك المناهج القديمة واستبدالها بكتب سهلة ومبسطة توافق رغبة الطلاب في الوصول للبحث الخارج بسرعة ، كمن يدرس كتاب (جواهر البلاغة) بدل كتاب (المطول أو مختصر المعاني) في البلاغة، أو يدرس كتاب (شذى العرف) بدلا من دراسة كتاب (شرح النظام في علم التصريف).

ولا شك في أن كتاب (معالم الدين) كتاب قديم قد مضى على تأليفه سنين كثيرة، ومع أن فيه فوائد كثيرة ، ومن يدرسه يطلع على الأصول  القديمة التي ربما لا يطلع عليها لو لم يدرس كتاب المعالم، لكن ربما يكون استبداله بكتاب آخر أفضل، ولعل كتاب (الموجز في الأصول) للشيخ السبحاني كتاب جيد، يصلح أن يحل محل كتاب المعالم.

وأما الكتب التي ذكرتها في مرحلة السطوح فكلها بحسب نظري غير مؤهلة لتحل محل كتاب (الكفاية) للمحقق الخراساني.

وأما كتاب (شرائع  الإسلام) للمحقق الحلي فإنه يمتاز على كتاب (منهاج الصالحين) بأنه يحتوي على أبواب فقهية غير موجودة في المنهاج، مثل كتاب الجهاد، وكتاب العتق وكتاب التدبير، وكتاب المكاتبة، وكتاب الحدود والديات والقصاص ، مضافا إلى أنه يتعرض للآراء المختلفة، وهاتان الميزتان غير موجودتين في المنهاج أو غيره من الرسائل العملية.

وأما كتاب الشيخ الإيراواني الذي وضعه ليحل محل اللمعة، وأظنك تشير إلى كتاب (دروس تمهيدية في الفقه الاستدلالي) فهو كتاب لا يصلح لأن يحل محل اللمعة الدمشقية، لأسباب لا حاجة لذكرها.

ومحصل الكلام أن الحاجة تدعو لتجديد مناهج الحوزة، ولكن ينبغي اختيار الكتب الأفضل، ونسأل الله التوفيق لاختيار ما هو أفضل وأنفع لطلبة العلم بمنه وفضله وكرمه.

 

الشيخ علي آل محسن