التقليد ليس انتماء للمرجع
وهذا فهم خاطئ للتقليد، فإن التقليد ليس انتماءً للمرجع، وإنما هو الالتزام بفتوى المجتهد في مقام العمل، والعمل على طبق فتاواه في العبادات والمعاملات، والتروك والأفعال، لا أكثر ولا أقل. وأما الانتماء بالنحو الذي ذكرناه فغير جائز قطعاً، لأنه أحد عوامل حصول التفرقة والعداء بين أبناء الطائفة الواحدة، الذي ينشأ معه عادة التعدي على حقوق المؤمنين وانتهاك حرماتهم، وينبغي أن يكون انتماء كل شيعي إلى المذهب نفسه بغض النظر عن مراجع التقليد الذين يتغيرون في كل زمان، فالشيعة وإن اختلفوا في تقليدهم، إلا أنهم متفقون في انتمائهم إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام دون الانتماء إلى مرجع خاص.
كما قد يظن البعض أيضاً أن مرجع التقليد هو قائد الأمة الذي يقرر كل ما يتعلق بالأمة، ويشخص للناس قضاياهم الداخلية والخارجية.
وهذا فهم خاطئ أيضاً لمقام المرجع، وذلك لأن مراجع التقليد متعددون، ولا يصلح للأمة أن يكون لها قادة متعددون حتى لو كانوا صالحين.
ثم إن مرجع التقليد قد لا يكون جيد الإدارة وخبيراً بأمور السياسة الزمنية المعاصرة، ولعل غيره أصلح لقيادة الأمة منه وإن كان المرجع أعلم بأمور الدين من غيره، فإن مؤهلات قيادة الأمة قد تكون مفقودة في المرجع، لأن من ضمنها بعض المؤهلات النفسية والجسدية التي قد لا يكون المرجع متصفاً بها.
هذا مع أن موضوع التقليد هو الأحكام الشرعية، وأما الموضوعات الخارجية فإن كل مكلف مجتهد في تشخيصها، ولا يلزمه تقليد مرجعه فيها، بل قد يجب عليه مخالفته فيها فيما إذا اختلف معه في التشخيص، كما لو اختلف مع مرجعه في تشخيص جهة القبلة، وكان المقلد قاطعاً بصحة تشخيصه وخطأ تشخيص مرجعه، فيلزمه حينئذ العمل بتشخيصه هو دون أي تشخيص آخر.