شهر رمضان هل هو شهر المأكولات الشهية؟
مع إطلالة شهر رمضان المبارك يتأهب كثير من الناس كما هي العادة في كل عام إلى استقبال الشهر الكريم والاهتمام بقدومه، وتستطيع أن تعرف مدى قوة هذا الاستقبال إذا ذهبت إلى مراكز التموين الغذائي، لأنك سترى ازدحام الناس على شراء المواد الغذائية التي اعتادوا أن يأكلوها في شهر رمضان المبارك.
لقد هالني ما سمعته في الأعوام الماضية من أن بعض الأسواق الغذائية قبل أيام من قدوم شهر رمضان المبارك وبعد قدومه بأكثر من أسبوع كانت مكتظة بالمتسوقين بشكل مثير للدهشة، وكان الناس يشترون المؤن الغذائية بكميات وافرة جداً، وكأنهم مهددون بقدوم مجاعة أو كارثة بيئية!!
لقد تفنن الناس في شهر رمضان في أصناف المأكولات حتى صار مرتكزاً في أذهان الكثير أن بعضاً من الأطعمة هي مأكولات رمضانية، لا يأكلها الناس إلا في شهر رمضان، وصار من المألوف أن يزداد وزن كثير من الصائمين من كثرة ما يأكلون من الأطعمة الدسمة والحلويات المتنوعة.
إن كثيراً من الناس يظنون أنهم يصومون ليأكلوا أصناف الأطعمة ويتناولوا مختلف الأشربة، وأن الغاية من الصيام هي تجويع النفوس من أجل الانقضاض على المآكل الشهية والموائد الدسمة، ولم يخطر بخلد بعضهم أن الهدف من الصيام هو تدريب النفس مدة شهر كامل على الكف عن كل المحرمات من أجل الوصول إلى درجة المتقين، الذين تسامت نفوسهم، وزكت أخلاقهم، واستقامت أفعالهم.
وبسبب هذه النظرة الخاطئة لمغازي الصيام وغاياته، وتركيز الاهتمام فقط على الكف عن المفطرات من دون الالتفات إلى أسرار الصيام الحقيقية، نرى أن الصيام لا يغير في سلوك كثير من الناس شيئاً، ولا يهذب من أخلاقهم وسلوكهم أي أمر يذكر، فحالهم في أول الشهر كحالهم في آخره، لم يتغير ولم يتبدل.
لقد امتنع الناس خلال شهر رمضان عن المفطرات نهاراً، وتكالبوا عليها ليلاً، فجاؤوا بهذه العبادة السامية جوفاء لا لب لها ولا فائدة فيها، كما جرت عادتهم بممارسة كل عباداتهم بصورة شكلية لا قيمة لها، ولا أثر ينعكس منها على واقعهم ولا على نفوسهم وأفعالهم، مع أن هذه العبادات ما شرعها الله سبحانه إلا لأجل ما فيها من المصالح الملزمة التي لا ينبغي للمسلم العاقل أن يفوتها أو يفرط في تحصيلها.