التكفيريون... ماذا يريدون؟
لا تزال وسائل الإعلام تطالعنا كل يوم بأخبار القتل الشنيع الذي يرتكبه الإرهابيون التكفيريون، الذين اتخذوا الدين غطاء لتبرير إرهابهم، وتمرير حقدهم على الإنسانية جمعاء.
فإن من الواضح عند كل أحد أن الإسلام يحرم قتل الأبرياء الآمنين الغافلين من الكفار والملاحدة، فضلاً عن المسلمين، ولا يجوز للمسلمين أن يبتدئوا الكفار بقتال حتى يعرضوا عليهم الدخول في الإسلام، أو أن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، فإذا قبلوا بأيهما فقد حقنوا دماءهم، وحفظوا أموالهم، وكان لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين.
وأما إذا أبوا، وأصروا على القتال، فإنه يجوز للمسلمين قتالهم بعد الإعذار والإنذار، على ألا يقتلوا الآمنين العزل، ولا من ألقى سلاحه، وألا يتبعوا مدبرا، ولا يجهزوا على جريح أو أسير، ولا يقتلوا امرأة ولا طفلا، ولا شيخا كبيرا، ولا يقطعوا لهم شجرة، ولا يهدموا داراً، ولا يحرقوا لهم كنيسة. وهذه أمور معروفة من تعاليم الإسلام التي طبقها رسول الله صلى الله عليه وآله عملياً في حروبه وغزواته.
فلا ندري بعد هذا كله لم يتتبع هؤلاء الإرهابيون شيعة أهل البيت عليهم السلام تحت كل حجر ومدر، ويقتلونهم بالهوية، من دون تفريق بين رجل وامرأة وطفل، ومن دون تمييز بين محارب وغير محارب.
وإذا كان هؤلاء التكفيريون يرون أن الشيعة كفار مشركون، فإن الكافر المشرك لا يجوز قتله إذا لم تقم عليه الحجة، أو رضي بدفع الجزية عن يد وهو صاغر، إلا أن هؤلاء يقتلون الشيعة من دون إمهال، ولا يمنعهم أي وازع من أن يقتلوهم غيلة، أو بحيلة، أو يقتلوهم أشنع قتلة.
ومن الواضح أن هؤلاء التكفيريين لا يرجعون إلى مرجعية دينية معروفة، تفتيهم في القيام على حكام البلاد الإسلامية، واستباحة دماء المسلمين وأموالهم، وإرعاب الآمنين، وتخريب الممتلكات الخاصة والعامة، وإنما يعملون بحسب أهوائهم الشيطانية، فإنا لا نعرف فيهم فقيها متخصصاً، يصلح لأن يكون مرجعاً لهم.
ومع أن هؤلاء الإرهابيين قد بنوا شهرتهم على جماجم الأبرياء، إلا أنهم فشلوا في الوصول إلى غاياتهم الدنيئة في الجزائز، ومصر، والسعودية، وأفغانستان، والعراق، وإن كانوا قد حققوا ما لم يستطع أن يحققه أعداء الإسلام عبر القرون السالفة، فإنهم قد استطاعوا أن يشوِّهوا صورة الإسلام البيضاء الناصعة، ويجعلوها صورة سوداء قبيحة، ملطخة بدماء الإرهاب والقسوة والعنف الذي اجتمع كل بني الإنسان على رفضه وإنكاره.