نحو وحدة شيعية

كثيراً ما ترتفع الأصوات بالدعوة إلى الوحدة الإسلامية التي يراد بها التقارب مع سائر الطوائف الإسلامية والتعايش مع أبنائها والمنتمين إليها، وغالباً ما تكون تلك الدعوات من الأولويات التي نسعى لتحقيقها، ونعمل من أجلها.

وقد جاءت أحاديث الأئمة الأطهار عليهم السلام لتحث شيعة أهل البيت عليهم السلام على العمل الدؤوب لتحقيق هذا التقارب، ففي صحيحة عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أوصيكم بتقوى الله عزَّ وجل، ولا تحملوا الناس على أكتافكم فتذلّوا، إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً﴾، ثم قال: عودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، واشهدوا لهم وعليهم، وصَلُّوا معهم في مساجدهم... (وسائل الشيعة 5/382 ).

ولأجل ذلك كان علماء الشيعة قديماً وحديثاً وما يزالون يؤكدون على ضرورة التقارب مع سائر الطوائف الإسلامية، ويدعون إلى نبذ الفرقة وعدم التحريض من كل فرقة على أتباع الفرق الأخرى، لأن كل اختلاف بين الطوائف الإسلامية يفت في عضد المسلمين، ويستنزف طاقاتهم، ويهدر أوقاتهم وأموالهم فيما لا يعود بالفائدة إلا لمن يريد السوء بالإسلام والمسلمين.

ونحن في الوقت الذي ندعو إلى لمِّ الشمل، ونبذ الاختلاف والتحريض ضد أي طائفة أو فئة أخرى، فإننا ندعو جميع الأطياف الشيعية إلى وحدة شيعية بين أبناء هذه الطائفة، وذلك لأن من أهم الدواعي إلى تحقيق تلك الوحدة أن المؤمن أخو المؤمن، كما قال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات: من الآية10)، مع أن أكثر خلافاتنا إما وهمية وليست حقيقية، أو خلافات في أمور جزئية لا تستدعي عداء أو مقاطعة، أو أن الذين نختلف معهم ربما يكونون هم المصيبين ونحن المخطئين، أو ربما يكون لهم عذر نحن لا نعلم به، فينبغي لنا أن نحملهم على محمل واحد على الأقل من سبعين محملاً من الخير.

ولو تأمل كل واحد من أتباع أهل البيت عليهم السلام وصايا الأئمة الأطهار عليهم السلام التي وجهوها لشيعتهم، والتي أوضحوا فيها عظيم حق كل واحد من الشيعة على أخيه، وشدَّدوا فيها على لزوم مراعاة تلك الحقوق، لما وجد كل واحد منا أي مبرر لمقاطعة أخيه أو هدر كافة حقوقه.   

كل هذه الأمور تدعونا وبإلحاح إلى السعي الحثيث نحو وحدة شيعية لا يمكن لها أن ترى النور إلا بتضافر الجهود المخلصة من أبناء هذه الطائفة الذين حملوا هموم الأمة، ودأبوا على السعي لتحقيق كل ما يكفل لها العزة والنصر والكرامة.