من هو الناطق باسمنا؟
عندما ننظر إلى واقعنا اليوم نجد أننا متفرقون متشتتون مختلفون، لأننا قد أهدرنا كافة الحقوق التي لبعضنا على بعض، حتى صار الواحد منا لا يرى للآخر أي حق عليه، لا بلحاظ أخوته الإيمانية، ولا بلحاظ رحمه، ولا بلحاظ الاشتراك معه في بلد أو جيرة، ولا بأي لحاظ آخر.
ومن المؤسف أننا في الوقت نفسه ندين الآخرين الذين همَّشوا الشيعة سياسياً، والذين حاربوهم اقتصادياً وفكرياً، ونلقي باللائمة على الآخرين الذين بيدهم القرار، ونصفهم بأنهم أعداء الشيعة، أو نتهمهم بما حلا لنا أن نتهمهم به.
ولا يفوتنا في كثير من الأحيان أن نعرج بالنقد اللاذع على الذين نفترض نحن في أنفسنا أن يكونوا هم المطالبين بحقوقنا باعتبارهم واجهات اجتماعية أو شخصيات علمية معروفة.
إلا أننا ربما لم نفكر في يوم من الأيام أن الحقوق التي نصبو إلى تحقيقها لن نحصل عليها بمجرد الأماني والثرثرة الفارغة في المجالس، وإنما نحصل عليها بالسعي الجاد الحثيث في المطالبة بها، فإنه ما ضاع حق وراءه مطالب، ومَنْ أكثرَ من طرْق باب فُتح له.
ولقد رأينا الفئات الأخرى إذا أرادوا أمراً ألحوا في طلبه عبر الوفود المتتابعة، والبرقيات المتتالية، والفاكسات المتواصلة، والتليفونات الكثيرة، وغيرها، حتى يتحقق لهم ما يريدونه، ويحصلوا على ما يطلبونه.
فهل فعلنا مثلهم، ولم نظفر كظفرهم؟
إن من أسباب ضعفنا وضياع حقوقنا أنا لم نختر لنا من يطالب بحقوقنا، ويكون هو الممثل لنا والناطق باسمنا، الذي لا نرى لأنفسنا حقاً في مخالفته، ولا مبرراً لمعارضته أو تجاوزه، ونكون له عضداً في مساعيه، وعوناً له في جهوده.
إن المخلصين من أبناء هذا البلد كثيرون، ويمكن لكثير منهم أن يمثلوا أبناء الطائفة في هذه البلاد، إلا أنا إذا كنا نفكر في أن نختار لتمثيلنا رجلاً (ملائكياً) لا عيب فيه، تتفق عليه جميع الفئات، ولا يمثل خطاً معيناً، فإننا سنبقى في مكاننا لا نتحرك ولا نتقدم ولا خطوة واحدة، ولن نحصل على شيء من مطالبنا، لأن مثل هذا الرجل لا وجود له بيننا، ولا أمل في تحصيله.
إن من نريده لتمثلينا هو رجل مخلص مرن يستوعب أطياف المجتمع بصدره الواسع، ويتحدث مع المسؤولين عبر القنوات الرسمية بالطرق المناسبة غير الاستفزازية، ويتميز بصبر كبير، وعمل دؤوب، وحسن بيان، ولباقة، وأدب، ومعرفة بأساليب الكلام مع المسؤولين، بغض النظر عن قناعاته الشخصية، وآرائه الخاصة، ومثل هذا الرجل ليس بعزيز في بلدنا، ولكن العزيز هو أن نتفق على شخص واحد يمثلنا، لأننا اتفقنا على أن نختلف، ولم نتفق بعد على تجاوز الخلافات الوهمية التي فرقتنا وسلبتنا كثيراً من حقوقنا.