طعون بعض علماء المخالفين في الإمام الحسن العسكري (ع)
تحدث سماحة الشيخ علي آل محسن في خطبة الجمعة المتزامنة مع ذكرى ميلاد الإمام الحسن العسكري الموافق للعاشر من ربيع الثاني 1431هـ، بمسجد إبراهيم الخليل حول بعض الجوانب المتعلقة بالإمام العسكري ، وذكر سماحته أن بعض علماء أهل السنة مدحوا الإمام العسكري ، إلا أنه مما يؤسف له أن بعضهم طعن في الإمام العسكري ، وقدحوا فيه، وأهم هذه الطعون اثنان:
■ الطعن الأول: أنهم طعنوا في الإمام عليه السلام من ناحية روايته:
قال ابن الجوزي في كتابه الموضوعات الجزء الأول صفحة 415: بعد أن ذكر هذا الحديث مرويا عن الإمام العسكري بسنده عن آبائه عن جابر بن عبد الله مرفوعا: لما خلق الله تعالى آدم وحواء تبخترا في الجنة، وقالا :ما خلق الله خلقا أحسن منا، فبينما هما كذلك إذ هما بصورة جارية لم ير الراؤون أحسن منها، لها نور شعشعاني يكاد يطفئ الأبصار، على رأسها تاج، وفي أذنيها قرطان، فقال: يا رب ما هذه الجارية؟ قال: صورة فاطمة بنت محمد سيد ولدك. فقالا: ما هذا التاج على رأسها؟ قال: هذا بعلها علي بن أبي طالب. قال: فما هذان القرطان؟ قال: ابناها الحسن والحسين، وجد ذلك في غامض علمي قبل أن أخلقك بألفي عام.
فقال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع، والحسن بن علي صاحب العسكر هو الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر أبو محمد العسكري ليس بشيء!!
وعبارة ليس بشيء معناها أنه لا يعتد به، وهذه العبارة من عبارات الذم.
ç ولنا هنا تعليق:
1- أن ابن الجوزي والسيوطي لم يكونوا معاصرين للإمام العسكري حتى يقبل جرحهم له.
قال ابن حجر في فتح الباري 1/381: إذا وجدنا لغيره في أحد منهم طعنا، فذلك الطعن مقابل لتعديل هذا الإمام، فلا يقبل إلا مبين السبب، مفسرا بقادح يقدح في عدالة هذا الراوي وفي ضبطه مطلقا، أو في ضبطه لخبر بعينه، لأن الأسباب الحاملة للأئمة على الجرح متفاوتة، منها ما يقدح وما لا يقدح.
3- أن إمامة الإمام العسكري أشهر من أن تخفى، والأئمة لا يقبل الطعن فيهم، كما أقر بذلك بعض علماء أهل السنة.
وقال بدر الدين الزركشي في كتابه (النكت على مقدمة بن الصلاح، ص257): ولو ذهب العلماء إلى ترك كل من تكلم فيه لم يبق بأيدي أهل هذا الشأن من الحديث إلا اليسير، بل لم يبق شيء، ومن الذي ينجو من الناس سالما. "
وعليه فمن جرح الإمام العسكري لا يعتنى به.
| قال ابن تيمية: ولا يشك عاقل أن رجوع مثل مالك وابن أبي ذئب، وابن الماجشون، والليث بن سعد، والأوزاعي، والثوري، وابن أبي ليلى، وشريك، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، وزفر، والحسن بن زياد اللؤلؤي، والشافعي، والبويطي، والمزني، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي داود السجستاني، والأثرم، وإبراهيم الحربي، والبخاري، وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبي بكر بن خزيمة، ومحمد بن جرير الطبري، ومحمد بن نصر المروزي، وغير هؤلاء إلى اجتهادهم واعتبارهم مثل أن يعلموا سنة النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه ويجتهدوا في تحقيق مناط الأحكام وتنقيحها وتخريجها خير لهم من أن يتمسكوا بنقل الروافض عن العسكريين وأمثالهما، فإن الواحد من هؤلاء لأعلم بدين الله ورسوله من العسكريين أنفسهما، فلو أفتاه أحدهما بفتيا كان رجوعه إلى اجتهاده أولى من رجوعه إلى فتيا أحدهما، بل ذلك هو الواجب عليه، فكيف إذا كان ذلك نقلا عنهما من مثل الرافضة، والواجب على مثل العسكريين وأمثالهما أن يتعلموا من الواحد من هؤلاء !!
|وقال في مورد آخر: وأما قوله: (وكان ولده الحسن العسكري عالماً زاهداً فاضلاً عابداً أفضل أهل زمانه، وروت عنه العامة كثيرا (فهذا من نمط ما قبله من الدعاوى المجردة والأكاذيب البينة.
ç وهنا لا بد من بيان أمور تتعلق بهذا الأمر:
ولا يخفى أن الإمام العسكري عاصر الخليفة المتوكل العباسي الذي كان يبغض أمير المؤمنين عليه السلام، كما عاصر المستعين، والمعتز، والمهتدي، والمعتمد.
2- أن الإمام العسكري له تفسير للقرآن.
| قال آغا بزرك الطهراني في الذريعة 4/285: (1295: تفسير العسكري) الذي أملاه الإمام أبو محمد الحسن بن علي العسكري (المولود سنة 232) والقائم بأمر الإمامة (في 254)، والمتوفى (260)، وهو برواية الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي نزيل الري المولود بدعاء الحجة عليه السلام بعد سفارة أبى القاسم الحسين بن روح النوبختي (في 305).
وإن كان بعضهم كالسيد الخوئي يرى أن هذا التفسير موضوع على الإمام العسكري لعدم ثبوت سنده، ولاشتماله على بعض الروايات المخالفة للصحيح المروي عن آبائه عليهم السلام.
كما أنه أحصي الرواة الذين رووا عنه بحوالي 368 راوياً.
فقد روي أن الفيلسوف إسحاق الكندي راودته بعض الشبهات حول القرآن الكريم، فشرع في تأليف كتاب أسماه (تناقض القرآن)، وانتهى الخبر إلى الإمام العسكري ، فبعض إليه بعض أصحابه من تلامذة الكندي، فقال له قل له: ألا تحتمل أن يكون المراد بالآيات التي ظننت أن فيها تناقضا غير ما فهمته، فلا يكون في القرآن أي تناقض. فقال له: أعد علي ما قلت؟ فأعاده عليه، ثم قال له: من أين لك هذا؟ قال: إنه شيء عرض بقلبي، فأوردته عليك. قال: كلا ، مثلك لا يهتدي إلى هذا ؟
وبعد أن ألح عليه، أخبره بأنه من عند الإمام العسكري ، فقال: الآن جئت به، ما كان ليخرج مثل هذا إلا من ذلك البيت.
ثم عمد الكندي إلى كتابه فأحرقه وأتلفه.