الوسواس في الغسل
سؤال: أنا أعاني من الوسواس في الغسل، وربما يستغرق وقت غسلي 40 دقيقة، وأخاف أن الماء لم يصل إلى جسمي، وأن غسلي باطل، وتصبح صلاتي باطلة، وأبقى نجساً.
فهل من علاج لذلك، ولا سيما أني أرى الماء يصيبني، ومع ذلك أعتقد أنه لم يصبني جيداً، فما الحل؟
الجواب: لا يخفى عليك أن الوسواس من الشيطان الرجيم، وأنه يوقع في النفس وساوس وخواطر، والوسواسي يتبعها من حيث لا يشعر أنه يتبع الشيطان ويصغي إليه، ولو عمل الوسواسي بالحكم الشرعي الواجب عليه، واتبع حكم الله تعالى في أموره لما وقع في الوسواس.
وما دمت ترى الماء يصيب بدنك فهذا كاف، ولا تحتاج معه إلى شيء آخر يثبت لك أن الماء وصل إلى بدنك، وعليك أن تترك كل خاطرة تمر بذهنك بعد ذلك ، لا تلتفت إليها ما دمت رأيت الماء يصيب بدنك.
بل إن الإحساس بوصول الماء إلى الجسم كاف حتى لو لم نر وصول الماء إلى البدن؛ لأنا مأمورون بإيصال الماء إلى جميع الأعضاء، والعلم بوصول الماء كما يحصل بالنظر كذلك يحصل بالإحساس بالماء، وبعض الأعضاء لا يمكن رؤية وصول الماء إليها إلا بالمرآة، مثل الظهر، فإذا كان الإحساس كافيا في الحكم بوصول الماء إلى العضو المراد غسله، فكيف بالإحساس والنظر، فإنه يكفي بلا شك، ولو كان النظر لا يكفي، فإذن لا وسيلة لنا إلى معرفة غسل الأعضاء، وعليه يكون الأمر بالغسل تكليف بغير المقدور، وهو محال، لا يصدر من الحكيم سبحانه.
والذي أقترحه عليك أمرين:
الأول: أن تغتسل غسلا ارتماسيا، وهو يحصل بغمس تمام البدن والرأس في الماء دفعة واحدة كما نص العلماء على ذلك في رسائلهم العملية، وإن لم يتيسر لك ذلك فحاول الاغتسال غسلا ترتيبيا، ولكن في حوض الماء الذي يعرف في عصرنا بالبانيو، فبعد أن تملأه بالماء اغمس أولاً رأسك ووجهك ورقبتك، ثم ابتعد عن الماء، ثم اغمس جانبك الأيمن مع شيء من جانبك الأيسر مع غسل العورة الأمامية والخلفية، ثم ابتعد عن الماء، ثم اغمس جانبك الأيسر بنفس الطريقة التي غسلت بها جانبك الأيمن، وبهذا يتم الغسل، وهذه العملية لا تستغرق منك أكثر من أربع دقائق.
الثاني: إذا لم يتيسر لك أن تغتسل غسلاً ارتماسيًّا، أو غسلاً ترتيبيًّا بالطريقة التي ذكرتها لك، فاغتسل بصب الماء على جسمك، سواء كان الصب بأنبوب الماء، أو بما هو معروف (بالدش)، أو بغير ذلك، وحاول أن تتم ذلك بسرعة، من غير تدقيق، وعليك باتباع بصرك وعقلك، بمعنى أنك إذا رأيت الماء يصل إلى جسمك فاكتف بهذه الرؤية، وإذا أحسست بوصول الماء إلى بشرتك، فاكتف بهذا الإحساس، ثم عليك ألا تفكر في هذا الغسل، واخرج من الحمام بسرعة، وستشعر في بداية الأمر أن غسلك باطل، وأنك لم تغتسل كما ينبغي، وعليك في هذه الحالة ألا تصغي إلى هذه الخواطر التي هي في حقيقتها وساوس شيطانية، وكل ما عليك صنعه هو الاستعاذة من الشيطان الرجيم، وعدم الإصغاء له.
هذا هو تكليفك فعلاً، ولا يجب عليك أكثر من ذلك، والله تعالى لا يحاسبك على الخطأ الواقعي إن أنت صنعت ذلك لو فرض أنه وقع منك خطأ في الواقع.
إذا صنعت ذلك، وتكرر منك الغسل بهذه الكيفية، وبسرعة، وتركت التفكير فيه بعد ذلك، فستجد بعد أيام أنك تخلصت من الوسواس، وأن الله سبحانه قد عافاك منه، لأن علاج الوسواس هو ألا تصغي إلى وساوس الشيطان، وتتعمد مخالفته.
أسأل الله تعالى أن ينجينا وإياك من وساوس الشيطان وتسويلاته وتزيينه بمنه وكرمه، إنه أكرم الأكرمين.