كلمة الجمعة:سيدة نساء العالمين
تواتر عن رسول الله أنه قال: فاطمة سيدة نساء العالمين.
وفي صحيح البخاري 3/1143 عن النبي أنه قال: فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.
وفي رواية أخرى في صحيح البخاري ومسلم 4/1905 أيضاً عنه قال: يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة.
وفي رواية أخرى: يا فاطمة ، ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين، وسيدة نساء هذه الأمة، وسيدة نساء المؤمنين؟ (المستدرك 3/170، وصححه ووافقه الذهبي).
وهذه فضيلة اختصت بها فاطمة الزهراء عليها السلام، كما اختصت بفضائل أخرى لم تشاركها فيها غيرها من النساء، منها:
¡ أنه قال لفاطمة: إن الله يغضب لغضبك، ويرضى لرضاك. (المستدرك 3/167، وصححه الحاكم).
وقال أيضاً: فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني (صحيح البخاري 3/1144).
¡ أن من آذاها فقد آذى رسول الله :
فقد أخرج مسلم في صحيحه 4/1902 أن رسول الله قال: إنما فاطمة بضعة مني، يؤذيني ما آذاها.
¡ أنها المرأة التي أذهب الله تعالى عنها الرجس وطهرها تطهيرا، وهذا لم يحصل لامرأة سواها.
¡ أنها المرأة التي باهل بها رسول الله نصارى نجران فيمن باهل، ولم يباهل بامرأة سواها.
ç ويمكن لنا أن نستخلص من كونها سيدة نساء العالمين عدة أمور:
1- أنها أفضل من مريم بنت عمران عليها السلام. وقد استدل بعضهم مضافا إلى الدلالة الواضحة للحديث الشريف بأن النبي عبر عنها بأنها بضعة منه، فإنا لا نفضل امرأة على بضعة رسول الله ، وهو استدلال متين جدا.
2- أن اللائق بسيدة نساء العالمين أن يكون زوجها أفضل المسلمين، وهذا ما دلت عليه الأحاديث الكثيرة المروية من طرق الفريقين. فقد أخرج الحاكم في المستدرك وصححه بسنده عن عائشة أن النبي قال: أنا سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب.
3- أن المناسب لسيدة نساء العالمين عليها السلام ألا تدعي شيئا من أمور الدنيا ليس لها، فما حصل بينها وبين أبي بكر من التنازع في فدك لا بد أن نصحح فعلها ونخطئ أبا بكر، والحديث الذي رواه أبو بكر عن النبي أنه قال: (لا نورث ما تركنا صدقة)، يراد به أن ما تركناه صدقه لا يكون ميراثا، لا أن الأنبياء لا يورثون، لأن الله تعالى قال: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ)[النمل: 16]، وقال: (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً) [مريم:5، 6].
4- أن سيدة نساء العالمين كانت قدوة إلى نساء العالمين في كل أفعالها.
منها: صونها وحجابها، فقد ضربت المثل الأعلى في ذلك، وقد روي في هذا الشأن كثير.
منه ما روي عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام: أن فاطمة بنت رسول الله ، استأذن عليها أعمى فحجبته، فقال لها النبي : لم حجبته وهو لا يراك؟ فقالت: يا رسول الله، إن لم يكن يراني فأنا أراه، وهو يشم الريح، فقال النبي : أشهد أنك بضعة مني.
وعن علي أنه قال: قال لنا رسول الله : أي شيء خير للمرأة؟ فلم يجبه أحد منا: فذكرت ذلك لفاطمة ، فقالت: ما من شيء خير للمرأة من أن لا ترى رجلا ولا يراها، فذكرت ذلك لرسول الله
، فقال: صدقت إنها بضعة مني.
¡ أنها سلام الله عليها لما خرجت إلى المسجد لاثت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها، ثم ضرب بينها وبين الرجال ملاءة.
ولذلك وصف الناس مشيتها أنها لم تكن تخرم مشية رسول الله
ومنها: حسن التبعل: فقد روي عن أبي إبراهيم قال: جهاد المرأة حسن التبعل.
¡ أن أمير المؤمنين شهد بأنها لم تسئ إليه طيلة مدة حياتها معه. فقد روى الفتال النيسابوري في روضة الواعظين أنها قالت حين وفاتها: (يا بن عم ما عهدتني كاذبة ولا خائنة، ولا خالفتك منذ عاشرتني؟ فقال عليه السلام: معاذ الله أنت أعلم بالله، وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفاً من الله أن أوبخك غداً بمخالفتي).
¡ طلبت أمير المؤمنين عليه السلام أن يكفيها ما هو خارج الباب، وتكفيه ما هو داخله.
5- مواقف السيدة الزهراء من الحوادث الجسام التي حدثت بعد رسول الله ، فإنها أنكرت على أبي بكر وعمر، وخطبت في المسجد للناس، وأوضحت جلية الأمر للناس، ولم تتوان في بذل جهدها في مسألة الخلافة.