وحدة الوجود لا يراد بها صفة الحي القيوم لله تعالى، وإنما يراد بوحدة الوجود أن الوجود بما هو حقيقة واحدة، لا تعدد فيه؛ لأن الوجود ضد العدم، لا شيء آخر، وأنه كما يُطلق على الواجب كذلك يطلق على الممكن، فهما وإن كانا موجودين مختلفين في الوجوب والإمكان، إلا أن حقيقة الوجود فيهما واحدة، والاختلاف إنما هو بحسب مرتبة كل منهما؛ لأن وجود واجب الوجود في أعلى مراتب الكمال والقوة، ووجود ممكن الوجود في أدنى مراتب الضعف والنقصان، وإن كان كل منهما موجوداً حقيقة، وهو مغاير للآخر؛ لأن أحدهما خالق، والآخر مخلوق، وهذا في حقيقته يعني أن الوجود متعدد، لا متحد، فلا وحدة وجود في الحقيقة، بل هي تعدد في الوجود.
قال السيد الخوئي قدس سره كما في تقرير بحثه: فهذا في الحقيقة قول بكثرة الوجود والموجود معاً، نعم حقيقة الوجود واحدة، فهو مما لا يستلزم الكفر والنجاسة بوجه، بل هو مذهب أكثر الفلاسفة، بل مما اعتقده المسلمون وأهل الكتاب، ومطابق لظواهر الآيات والأدعية، فترى أنه عليه السلام يقول: (أنت الخالق وأنا المخلوق، وأنت الرب وأنا المربوب). وغير ذلك من التعابير الدالة على أن هناك موجودين متعددين، أحدهما موجد وخالق للآخر، ويعبر عن ذلك في الاصطلاح بالتوحيد العامي. (كتاب الطهارة 2/81).
وأما وحدة الموجود فيراد بها أنه لا يوجد في الحقيقة إلا موجود واحد، ولكن له اعتبارات متعددة، فوجود الخالق لا يختلف عن وجود المخلوق، بل هو عينه، فهما وجود واحد، وموجود واحد أيضاً، لا متعدد، إلا أنا قد اعتبرنا هذا خالقاً، واعتبرنا ذاك مخلوقاً، وقد حكي عن بعضهم أنه قال: ليس في جُبَّتي سوى الله.
والقول بوحدة الموجود كفر وزندقة؛ لأنه إنكار للواجب تعالى وللنبي صلى الله عليه وآله؛ لأنه على هذا القول لا فرق بين الخالق والمخلوق إلا بالاعتبار، وكذا لا فرق بين النبي صلى الله عليه وآله ومسيلمة إلا باللحاظ فقط؛ لأنهما متحدان في الحقيقة مختلفان بالاعتبار فقط، بمعنى أن ذات النبي صلى الله عليه وآله هي ذات مسيلمة، وهي ذات الله تعالى، وهي ذات الجماد أيضاً.
وكثيراً ما يراد بوحدة الوجود: وحدة الموجود، ولهذا كُفرت جماعات كثيرة بالقول بوحدة الوجود، ولعل بعضهم لا يريد بوحدة الوجود: وحدة الموجود، وإنما يريد بوحدة الوجود المعنى الذي ذكر السيد الخوئي قدس سره أنه من معتقدات المسلمين، والله العالم.