أين ذهبت الغيرة؟

 

لم نكن نتصور قبل عشرين سنة أن واحدة من بنات البلد ستلقي في يوم من الأيام عباءتها جانباً، لتستبدلها بثوب أسود أسموه عباءة كتف، ويكون ذلك بمباركة زوجها المتدين وأبيها وأخيها الغيورين.

كما أنا لم نكن نتصور في ذلك الوقت أن واحدة من بنات البلد ستعمل موظفة جنبا إلى جنب مع رجل أجنبي، وقد أبدت له وجهها كاملاً أو عينيها، وذلك برضا أهلها وبإذنهم، بل بمعونتهم أيضاً.

ولم نكن نتصور أيضاً في ذلك الوقت أن واحدة من بنات البلد ستدرس في كلية مختلطة من رجال ونساء، وستسافر إلى بلاد أجنبية لغرض الدراسة في أمثال هذه الجامعات، بمعونة أهلها أو زوجها أو بمباركتهم.

وبغض النظر عن حرمة لبس عباءة الكتف، باعتبار أنها تفصل جسم المرأة وتلفت أنظار الرجال إليها، وحرمة الاختلاط بالرجل الأجنبي، سواء أكان في وظيفة أم في دراسة، بلحاظ أن الاختلاط بالأجنبي عادة ما يؤدي للوقوع في المحرم، إلا أن المسألة ترتبط بصميم الغيرة التي صارت هشة، بل شديدة الهشاشة عند بعض الرجال الذين تأثروا بالعادات الغربية البعيدة عن روح الإسلام وتعاليم أئمة أهل البيت عليهم السلام، والذين صاروا في كثير من أمورهم تابعين للنساء ومنقادين إليهن، بحيث لا يجرؤون على الإقدام على شيء من دون إذنهن ورضاهن.

إن الباعث لفعل كثير من المساوئ التي تحصل في المجتمع هو تقليد العادات الغربية والمجتمعات الفاسدة، ورغبة بعض الناس في التحرر من قيود الشرع والعفة والحجاب والالتزام الديني، وإن حاول البعض أن يبرر صدور أمثال هذه الأفعال من النساء المتعلقات به ببعض التبريرات التي لا يخفى ما فيها على كل أحد.

إن التهاون في مسألة الحجاب الشرعي الصحيح وتيسير سبل الاختلاط بالأجنبي في وظيفة أو في دراسة يؤدي غالباً إلى نتائج سيئة على المجتمع كله فضلا عن الفتاة نفسها، أهونها النظرة المحرمة، والكلمة الخائنة، وأعظمها التغرير بالفتاة وإيقاعها في الرذيلة.