فلسفة العيد

مسجد إبراهيم الخليل (ع) ـ حي النور ـ سيهات ـ محافظة القطيف

رُوي عن مولانا الإمام الصادق أنه قال: «إنما هو عيد لمن قبل صيامه وشكر قيامه وكل يوم لا تعصي الله فيه فهو عيد». «وسائل الشيعة 11/244».

وفي هذه الرواية مجموعة من الفوائد نذكر بعضاً منها.

العيد عيدٌ للطائعين المتقين:

لا شك أننا عندما نصوم شهر رمضان فإننا نريد بذلك غفران الذنوب ومضاعفة الثواب والأجر من الله عز وجل، ولكن الكثير ممن يصومون شهر رمضان قد لا يخرجون منه إلا بالجوع والعطش. وقد ورد في الخبر: «كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش». وإنما ذلك لأنه صام عن الأكل والشرب فقط، ولكن جوارحه لم تصم عن المعاصي والذنوب.

والصائم في شهر رمضان إذا أراد أن يستفيد من صيامه ينبغي له أن يحقق ذلك من عدة جهات: جهة العبادة فيه، وجهة النتيجة التي يخرج بها منه وهي غفران الذنوب، وجهة تحصيل ملكة التقوى.

وقد يسأل سائل: لماذا لا يكون العيد عيدًا إلا لمن تقبل الله صيامه، وشكر قيامه كما جاء في الرواية التي افتتحنا بها حديثنا؟

نقول: شهر رمضان موسم عبادي، وفرصة بسط الله فيها موائده للعباد، وفتح فيها أبوب غفرانه وثوابه لهم، لذا وجب على كل مؤمن أن يستغل هذه الفرصة ويستفيد منها، وأن لا يخرج من شهر رمضان إلا بالجائزة التي أتاحها الله له.

لذلك فإنه يحق لمن يستغل شهر رمضان بالطاعة ويعمره بالعبادة أن يفرح به ويناله السرور منه، ولكن بماذا يفرح في العيد من ضيع على نفسه هذه الجائزة العظيمة؟ وقضى شهر رمضان في النوم، واللهو، والغفلة، وربما قضاه في المعاصي والذنوب!!

ولهذا كان العيد الآخر وهو عيد الأضحى المبارك بعد أن وقف الحجاج لبيت الله الحرام الموقفين، وأفاضوا إلى منى، وقد ورد في الحديث المروي عن أبي عبد الله أنه قال: من يقف بهذين الموقفين: عرفة والمزدلفة، وسعى بين هذين الجبلين، ثم طاف بهذا البيت، وصلى خلف مقام إبراهيم ، ثم قال في نفسه أو ظن أن الله لم يغفر له، فهو من أعظم الناس وزرا. «الكافي 4/541».

ولهذا لما يفيض إلى منى فإن الله سبحانه قد غفر ذنوبه، وخرج الحاج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، فحق له أن يكون ذلك اليوم له يوم عيد.

كيف تعرف أن صيامك مقبول وقيامك مشكور؟

إذا علمنا أن الفرح بعيد الفطر المبارك يحق للطائعين ولا يحق لغيرهم، يتبادر إلى الأذهان سؤال آخر، وهو: كيف يعرف أحدنا أن صيامه قد قُبل وقيامه قد شُكر لكي يهنأ بالعيد ويفرح به.

ورد في الخبر في الإجابة عن هذا السؤال: «انظر إلى ما غيّر من نفسك». هل غيَّر الصوم من نفسك شيئاً أم لا؟ إذا كان حالك في التقوى والطاعة والعبادة بعد شهر رمضان، أفضل من حالك قبل شهر رمضان، وإذا كنت قد أقلعت عن معاصيك التي كنت ترتكبها في السابق، وعاهدت الله على أن لا تعود إليها، حينئذٍ تدرك أن الله تعالى