هل يجوز مخاطبة الإمام المهدي (ع) بـ (أمير المؤمنين)؟

سؤال: هل يجوز مخاطبة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف بـ (أمير المؤمنين)؟

 

الجواب: أن المشهور المعروف بين علماء الإمامية أن صاحب الزمان عليه السلام وإن كان أميراً للمؤمنين وولياً للمسلمين، إلا أن هذا اللفظ خاص بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، لا يجوز إطلاقه على غيره من أئمة الهدى عليهم السلام، فضلاً عن غيرهم.

 

قال ابن شهرآشوب: ولم يجوز أصحابنا أن يُطلق هذا اللفظ لغيره من الأئمة عليهم السلام. (مناقب آل أبي طالب 2/254).

 

وقد دلت على ذلك روايات كثيرة.

1- منها: ما رواه الكليني قدس سره في كتاب الكافي 1/411 بسنده عن عمر بن أبي ظاهر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأله رجل عن القائم، يُسلم عليه بإمرة المؤمنين؟ قال: لا، ذاك اسم سمَّى الله به أمير المؤمنين، لم يسم به أحد قبله، ولا يسمَّى به بعده إلا كافر. قلت: جعلت فداك كيف يسلم عليه؟ قال: تقول: السلام عليك يا بقية الله. ثم قرأ:  (بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين).

 

2- ومنها: ما رواه العياشي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخل رجل على أبي عبد الله عليه السلام فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فقام على قدميه فقال: مه، هذا اسم لا يصلح إلا لأمير المؤمنين، سماه الله به، ولم يسم به أحد غيره فرضي به إلا كان منكوحاً، وإن لم يكن ابتلى به ابتلي به، وهو قول الله في كتابه: (إن يدعون من دونه إلا إناثاً وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً). قال: قلت: فماذا يدعى به قائمكم؟ قال: السلام عليك يا بقية الله، السلام عليك يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله. (وسائل الشيعة 10/469).

 

3- ومنها: ما رواه ابن شهرآشوب في المناقب، أن رجلاً قال للصادق عليه السلام: يا أمير المؤمنين. فقال: مه، إنه لا يرضى بهذه التسمية أحد إلا ابتلاه الله ببلاء أبي جهل. (مناقب آل أبي طالب 2/254).

 

4- ومنها: ما رواه الشيخ الصدوق قدس سره بسنده عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام ، يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله لم سُمِّي علي عليه السلام أمير المؤمنين، وهو اسم ما سُمي به أحد قبله، ولا يحل لأحد بعده؟ قال: لأنه ميرة العلم، يُمتار منه، ولا يَمتار من أحد غيره... الحديث. (علل الشرايع 1/191).

 

والأحاديث في ذلك كثيرة، لا حاجة لاستقصائها، ولأجل استفاضة تلكم الأحاديث الدالة على النهي عن إطلاق لقب (أمير المؤمنين) على غير علي بن أبي طالب عليه السلام من أئمة الهدى عليهم السلام، لا نجد في أخبار الأئمة المعصومين عليهم السلام من يناديهم بذلك، ولو صحَّ مثل هذا الإطلاق لوجدنا أحاديثهم عليهم السلام مملوءة بذلك.

 

نعم روى الشيخ المفيد قدس سره في الاختصاص بسنده عن أبي الصباح مولى آل سام قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام أنا وأبو المغرا، إذ دخل علينا رجل من أهل السواد، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. قال أبو عبد الله عليه السلام: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. ثم اجتذبه وأجلسه إلى جنبه، فقلت لأبي المغرا، أو قال لي أبو المغرا: إن هذا الاسم ما كنت أرى أحداً يسلم به إلا على أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه. فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا الصباح، إنه لا يجد عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن لآخرنا ما لأولنا. (الاختصاص: 267).

 

قال الشيخ المجلسي قدس سره في بحار الأنوار بعد ذكر هذه الرواية: هذا الخبر نادر، لا يصلح لمعارضة الأخبار الكثيرة الدالة على المنع من إطلاق (أمير المؤمنين) على غير علي عليه السلام، ويمكن حمله على أنه إنما ردَّ السائل لتوهّمه أن معنى هذا الاسم غير حاصل فيهم عليهم السلام، ولا شك أن المعنى حاصل فيهم، وإنما الممنوع إطلاق الاسم لمصلحة، على أنه يحتمل أن يكون المنع أيضاً على سبيل المصلحة؛ لئلا يجتري غيرهم عليهم السلام في ذلك، والله العالم. (بحار الأنوار 37/332).

 

قلت: على فرض صحة هذا الخبر فإنه يمكن حمله أيضاً على أن الإمام الصادق عليه السلام إنما جوز لخصوص هذا الرجل أن يخاطبه بذلك لمصلحة قد لا نعرفها، وأما غيره فلا يجوز له هذا الإطلاق. أو أن الإمام عليه السلام إنما قبل منه ذلك لعلمه أن الرجل يريد المعنى، وهو أن الإمام الصادق أمير المؤمنين وسيد المسلمين في عصره، وهو معنى صحيح، والله  العالم.