الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

عندما تقترب الذكرى السنوية للمولد النبوي الشريف تحدث في كل عام سجالات كثيرة وشديدة بين من يحتفل بالمولد النبوي الشريف ويحث على الاحتفال به، ومن يرى أن الاحتفال بالمولد بدعة محرَّمة.

اشتمال الاحتفال بالمولد على واجبات ومندوبات:

وفي الحقيقة أن هذه المسألة من الوضوح بمكان بحيث أنها لا تحتاج لأن تثار حولها أمثال هذه السجالات في كل عام، فإن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف مشتمل على عدة أمور تجعل الاحتفال بالمولد مندوباً إليه، ومن ضمن هذه الأمور:

1- أن الاحتفال بالمولد تعبير عن محبة المؤمن لرسول الله ، والواجب على كل مسلم أن يود النبي ، وأن يُظهر ذلك، ووجوب محبة النبي مما اتفق عليه المسلمون بجميع فرقهم ومذاهبهم، والأحاديث في ذلك كثيرة، منها ما روي عن رسول الله أنه قال: لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما. (المحجة البيضاء 8/4، صحيح البخاري 1/30، ح 14-16، صحيح مسلم 1/67، ح69، 70).

2- أن الاحتفال بالمولد مشتمل على إظهار الفرح بالنبي الأكرم ، وهو أمر مندوب إليه، فإن الله تعالى أمر المؤمنين بالفرح بما أنعمه الله عليهم من فضل، وما أسبغه عليهم من رحمات. قال تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس: 58]، ولا ريب في أن النبي الأكرم أعظم رحمة مهداة إلى هذه الأمة كما قال سبحانه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)  [الأنبياء: 107]، وإحياء مولده الشريف يُظهر به المؤمنون فرحهم برسول الله وسرورهم بمولده، والمؤمنون في العصور المتأخرة عن وقت ولادته وإن لم يتح لهم أن يفرحوا بمولده المبارك في وقت ولادته الحقيقي الذي لم يفرح فيه إلا قلة قليلة، إلا أنهم يجددون فرحهم برسول الله في كل عام، ويظهرون فرحهم بمولده المبارك، وفرحهم بهذه الرحمة المهداة.

3- اشتمال إحياء المولد عادة على الصلاة على النبي وآله التي لها من الفضل ما لها، بل هي من أفضل الأعمال، والكلام في فضلها يطول، ومن الأحاديث التي تدل على فضلها قوله صلى الله عليه وسلم: «من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه عشراً». (صحيح مسلم 1/306).

وفي صحيحة هشام بن سالم، عن أبي عبد الله قال: لا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلي على محمد وآل محمد (الكافي 2/491).

وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله قال: إذا ذكر النبي فأكثروا الصلاة عليه، فإنه من صلى على النبي صلاة واحدة صلى الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة، ولم يبق شيء مما خلقه الله إلا صلى على العبد لصلاة الله عليه وصلاة ملائكته، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور، قد برئ الله منه ورسوله وأهل بيته. (الكافي 2/492).

4- اشتمال إحياء المولد الشريف على ذكر فضائل النبي ، وذكر فضائله فيه من الثواب ما فيه، مع ما في ذلك من تعريف المؤمنين بمقامات النبي الأكرم ، وهذا يدعوهم إلى التأسي به وجعله لهم أعظم قدوة.

5- اجتماع المؤمنين في مناسبات إحياء المولد الشريف، وهو يشتمل عادة على مصافحة المؤمنين، والتبسم في وجوههم، وإطعامهم، وفي ذلك أجر عظيم وثواب جزيل.

إلى غير ذلك من الأمور المهمة التي يشتمل عليها الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.

التشبث بأمور خارجة عن الاحتفال بالمولد:

لكن مع وضوح هذه الأمور إلا أن من يمنع من الاحتفال بالمولد لا يتمكن من رد هذه الأمور، وإنما يتشبث بأمور أخرى خارجة عن نفس الاحتفال بالمولد، كزعمهم أن في أمثال هذه الاحتفالات اختلاط الرجل بالنساء، وتبذير الأطعمة، واشتماله على الغناء والضرب على الآلات الموسيقية وغير ذلك، وهذا كله غير صحيح؛ لأنه أمثال هذه المحرمات لا تقع في مناطق الشيعة، ولو سلمنا بوقوع أمثالها فإن الذي نمنعه ونكره هو هذه الأعمال المحرمة، وحرمتها لا تضر باستحباب إقامة المولد، وحال من يفعل ذلك كحال من ينظر إلى الأجنبية في أثناء الصلاة، فإن نظره إلى الأجنبية لا يضر بوجوب الصلاة مثلا.

يمكنكم مشاهدة المحاضرة كاملة في موقع يوتيوب:

http://www.youtube.com/watch?v=ajj1gJyZlrA#t=12