إنجاح موسم عاشوراء

لا شك في أن موسم عاشوراء:

موسم عبادي، وثقافي، وسلوكي، وإعلامي.

والطاقات التي تبذل فيه وتستنفر فيه كثيرة جدًّا.

والأموال التي تنفق فيه أموال طائلة.

كما أن الأوقات التي تصرف فيه كثيرة أيضاً.

ولأجل ذلك لا بد أن يعمل جميع الشيعة على إنجاح هذا الموسم، من أجل تحقيق الاستفادة القصوى منه، وحتى لا تضيع تلك الجهود والأموال والأوقات المبذولة فيه سدى ومن دون الفائدة المرجوة.

وكلامنا في هذا المقام يقع في نقطتين:

النقطة الأولى: في المعايير التي بها يتحقق إنجاح موسم عاشوراء.

والنقطة الثانية: في الفئات التي تقع عليها مسؤولية إنجاح موسم عاشوراء.

أما الكلام في النقطة الأولى: وهي المعايير التي إذا تحققت قلنا: إن موسم عاشوراء هذا العام كان ناجحاً، فبما أن موسم عاشوراء موسم عبادي وثقافي وسلوكي وإعلامي، فلا يكون الموسم ناجحاً إلى إذا

أما إنجاح الموسم العبادي فيتحقق بعدة أمور، منها:

1- أن يكون الحضور في المأتم لله تعالى، لا لأي اعتبارات دنيوية أخرى، لأن الحضور إذا كان لله تعالى فإن الثواب يكون حاصلاً، بخلاف ما إذا كان حضور المأتم لأمر دنيوي.

2- ممارسة الشعائر الثابتة، وعدم خلطها بما لم يأمر به أهل البيت شيعتهم، لكي نحرز الثواب ونبتعد عن سخط الله سبحانه.

كما أنه ينبغي إظهار واقعة كربلاء بالصورة التي أرادها أهل البيت عليهم السلام، والابتعاد عن الممارسات المستهجنة التي تستقطب الأنظار إليها وتبعدها عن التأمل في الأهداف الواقعية المهمة لنهضة الحسين .

وأما إنجاح الموسم الثقافي فيتحقق بعدة أمور، منها:

1- الحضور عند الخطباء الذين يرفدون من يستمع إليهم بالثقافة الدينية العقدية والفقهية والسلوكية وغيرها، وتجنب الحضور عند الخطباء الذين يكررون المواضيع المستهلكة، أو الذين يقتحمون مجالات علمية ليسوا من فرسانها، فيفسدون أكثر مما يصلحون.

2- جعل هذا الموسم مناسبة دورية لقراءة كتاب واحد على الأقل، سواء فيما يرتبط بالنهضة الحسينية، أم غيرها.

وأما إنجاح الموسم السلوكي: فيتحقق بالاجتهاد في التأسي بالإمام الحسين في بعض مواقفه المباركة، أو في بعض صفاته العالية. مثل: توخي رضا الله تعالى فيما يحب وما يكره، وألا يجعل ضيق الموقف ذريعة لتجاوز الأحكام الشرعية المعلومة في الدين.

وأما إنجاح الموسم الإعلامي فيتحقق بأمور منها:

1- أن يقدَّم للعالم عبر قنوات الشيعة الإعلامية المجالس التي تعرض معارف أهل البيت عليهم السلام في العقائد والفقه والسلوك، والتي تعرض أخلاقهم العالية ومواقفهم السامية، بالطريقة المناسبة للعصر والتي يتقبلها الشيعة وغيرهم.

2- ألا يعرض في القنوات وغيرها كل ما هب ودب، مما يكون حجة لأعداء الشيعة على الشيعة، أو يوقع البلبلة في أوساط الشيعة من غير فائدة.

النقطة الثانية: في الفئات التي تقع عليها مسؤولية إنجاح موسم عاشوراء.

ولا شك في أن مسؤولية إنجاح هذا الموسم تقع على عدة فئات، هي:

1- الخطباء:

والملاحظ أن كثيراً من الخطباء مواضيعهم هزيلة جدًّا، لا يستفاد منها بشيء.

فينبغي للخطيب أن يعتني بالتحضير جيّداً لموضوعه، وأن يطرح ما تمس الحاجة إليه عقديًّا أو فقهيًّا، ويتجنب المواضيع التي لا يبتلى بها مثل أحكام العبيد والإماء، أو المواضيع التي تكون البلوى بها قليلة أو نادرة.

ولا بد من التنبيه إلى أن الواجب على الخطيب أن يأخذ معلوماته من أقوال العلماء المعروفين، ويكون متأكداً من صحة ما يطرحه على المنبر، ويتجنب ذكر الآراء الشاذة، أو التي توجب تشكيك الناس في عقائدهم وثوابتهم الدينية.

2- أصحاب المآتم:

فإنه يجب عليهم اختيار الخطيب الذي ينفع الناس، لا الخطيب الذي يمثل خطًّا معيّناً حتى لو كان لا ينفع بشيء، ولا الذي يجلب معه أكبر عدد من المستمعين بسبب جمال صوته فقط.

ومن المهم التنسيق مع أصحاب المآتم الأخرى كيلا يقع التضارب في المجالس، من أجل تحقيق الاستفادة من المآتم المختلفة.

3- الداعمون للمآتم:

مما هو معلوم أن الشيعة بحمد الله ونعمته يتنافسون في دعم المجالس الحسينية بشتى أنواع الدعم، ولكن الأولى تقديم دعم المجالس التي تؤدي رسالتها على أكمل وجه، ودعم المآتم التي لا تؤدي دوراً على حساب المآتم التي تكون فاعلة يعمل على إفشال الموسم بلا شك.

4- المستمعون:

فإن كثرة الحضور في المأتم يشكل دعماً كبيراً له بلا شك، كما أنه يشكل دعماً للخطيب الحسيني في نفس الوقت.

وهناك مجالس وخطباء اكتسبوا شهرة بسبب كثرة الحضور عندهم، مع أنهم ربما لا يؤدون دوراً يتناسب مع هذا الحضور، كما أن هناك خطباء متميزين ظلوا مغمورين بسبب قلة الحضور لديهم.

5- الكوادر:

وهم الذين يتولون تجهيز المجلس الحسيني من عدة نواح مختلفة، تبدأ بتجهيز مكبرات الصوت وغيرها، وشراء البركة وتوزيعها على الحضور، وانتهاء بالعناية بالمجلس من نواح متعددة.

مضافاً إلى كوادر الحماية الذين يقومون بجهود مضنية من أجل سلامة مرتادي المجالس الحسينية.

ومن دون وجود هؤلاء الكوادر فإن المجلس الحسيني لا يمكن أن يؤدي دوره بالصورة المطلوبة.

هذه هي الفئات التي لها دور فاعل في إنجاح موسم عاشوراء، ووقوع الخلل من قبل فئة من هذه الفئات ربما يسبب إرباكاً وفشلاً في عقد المجلس الحسيني.

للاستماع للمحاضرة: 

https://www.youtube.com/watch?v=wyO76OXuFhM